لا شك أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمّى، ومبلغ تحلّيه بالفضائل والأداب والخصائص والميزات، ولرسول الله صلوات الله وسلامه عليه أسماء كثيرة أشهرها خمسة. ففي الصحيحين[1] عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب».
وأشهر هذه الأسماء هما: محمد، وأحمد، وقد وردا في الكتاب الكريم قال تعالى:
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]
وقال:
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144]
وقال عز شأنه:
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]
ثم إن هذه الخمسة مما خصّ به نبينا عليه الصلاة والسلام، وأما غيرها فقد يشاركه فيها غيره من الأنبياء، ومما وقع من أسمائه صلّى الله عليه وسلّم في القران بالاتفاق:
الشاهد، والمبشّر، والنذير، والمبين، والداعي إلى الله، والسراج المنير، قال تعالى:
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا } [الأحزاب: 45، 46]
وفيه أيضا: المذكر، والرحمة، والنعمة، والهادي، والشهيد، والأمين، والمزمّل، والمدثّر، والرؤوف، والرحيم.
مما وقع في الحديث الصحيح[2]: «سميتك المتوكل، ليس بفظّ، ولا غليظ؛ ولا جاف، ولا سخّاب بالأسواق، ولا يقابل السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح».
ومن أسمائه: المختار، والمصطفى، والشفيع المشفّع، والصادق المصدوق،[3] وكان بعض صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا حدّث عنه قال: «حدثني الصادق المصدوق صلّى الله عليه وسلم» إلى غير ذلك من الأسماء الشريفة التي تدل على صفات جليلة وخصوصيات منيفة.
وقد قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية في تصنيف له في «الأسماء النبوية» :
«قال بعضهم: أسماء النبي صلى الله عليه وسلّم تسعة وتسعون اسما عدد أسماء الله الحسنى، ثم قال: ولو بحث عنها باحث لبلغت ثلاثمائة اسم».[4]
أسماؤه صلى الله عليه وسلم في كتب الله القديمة:
المتوكل، والمختار، ومقيم السنة، والمقدس، وقثم[5] وهو الجامع الكامل، وصاحب القضيب وهو السيف، ويحتمل أن القضيب الممشوق الذى يمسكه، وصاحب الهراوة: وهي العصا، وصاحب التاج وهي العمامة، وروح الحق وهو معنى البار قليط في الانجيل قيل: وهو الذى يفرق بين الحق والباطل، وماذ ماذ[6] ومعناه طيب طيب، وحمطايا[7]، والخاتم، والحاتم، الاول بكسر التاء والثانى بفتحها ومعناه بالفتح أحسن الانبياء خلقا، وخلقا ويسمى بالسريانية مشقح[8]، والمنحمنا[9]، واسمه في التوراة أحيد[10] وفي أول سفر منها في وصف أي المضئ المستنير، وقدم صدق سمي به لانه أول الصادقين في إخلاص العبادة لربه جل وعلا، والعروة الوثقى سمي به لانه السبب في الوصول الى رضا الله تعالي، الزينبي بفتح الزاي والنون وسكون التحتية وكسر الموحدة بعدها ياء.[11]
الهوامش
[1] صحيح البخاري (3532) صحيح مسلم (2354).
[2] انظر صحيح البخاري (4838).
[3] انظر فتح الباري (6/ 557).
[4] السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (1/ 179)
[5] قال ابن الاثير ومنه الحديث أتاني ملك فقال أنت قثم وخلقك قثم أى مستقيم.
[6] بفتح الميم بعدها ألف غير مهموزة فذال معجمة وقيل انه بميم مضمومة واشمام الهمزة ضمة بين الواو والالف.
[7] بمهملة مفتوحة فميم مشددة فمهملة فالف فتحتية فالف، قال أبو عمرو: سألت بعض من أسلم من اليهود عنه فقال: معناه يحمي الحرم ويمنع من الحرام ويوطيء الحلال
[8] بميم مضمومة فمعجمة مفتوحة فقاف مكسورة مشددة فمهملة أي ميزت اعلام الهدي بعد اخفائها.
[9] وهو بضم الميم وسكون النون وفتح الحاء المهملة وكسر الميم وتشديد النون الثانية المفتوحة، مقصور، وضبطه بعضهم بفتح الميمين، فمعناه بالسريانية محمد.
[10] قال الزرقاني في المواهب (1/474): وهو بهمزة مضمومة ثم حاء مهملة مكسورة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم دال مهملة. كذا وجدته فى بعض نسخ الشفاء المعتمدة. والمشهور ضبطه بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وبفتح المثناة التحتية، وفى نسخة بفتحها وكسر الحاء وسكون المثناة، وهو بمعنى محمد.
[11] انظر بهجة المحافل وبغية الأماثل (2/ 177).
Join our list
Subscribe to our mailing list and get interesting stuff and updates to your email inbox.