fazail aisha

فضائل عائشة رضي الله عنها

 تميزت عائشة رضي الله عنها عن سائر أمهات المؤمنين بمناقب كثيرة وفضائل جمة، وكانت أنموذجا فريداً مثلا شامخاً لنساء الأمة المحمدية في جميع شؤونها من تلك الفضائل أنها تزوجت الرسول صلى الله عليه وسلم بوحي من الله كما روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أريتك في المنام مرتين، إذا رجل يحملك في سرقة حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي أنت، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه”[1]

حب النبي صلى الله عليه وسلم لها:

وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بتلك المحبة عندما سأله عمرو بن العاص قائلا: أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، فقلت: من الرجال؟ فقال: «أبوها»، قلت: ثم من؟ قال: «ثم عمر بن الخطاب» فعد رجالا[2].

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم»[3]

عن أم سلمة، أنها قالت يوم ماتت عائشة: «اليوم مات أحب شخص كان في الدنيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، ثم قالت: «أستغفر الله ما خلا أباها».[4]

جبريل عليه السلام سلم على عائشة رضي الله عنها:

إن الروح الأمين سلم عليها، وبلغها النبي صلى الله عليه وسلم سلامه، فردت التحية بأحسن منها، وكان كثيرا ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي وهو معها في لحاف واحد، ورأته وهو يتحدث مع الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاءه على صورة دحية الكلبي، كما أخرج الشيخان[5] عن عائشة  رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: «يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام» فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى «تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم».

وأيضا روت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يديه على معرفة  فرس وهو يكلم رجلا، قلت: رأيتك واضعا يديك على معرفة فرس دحية الكلبي وأنت تكلمه، قال: ” ورأيت؟ ” قالت: نعم، قال: ” ذاك جبريل عليه السلام، وهو يقرئك السلام ” قالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، جزاه الله خيرا من صاحب ودخيل، فنعم الصاحب، ونعم الدخيل.[6]

نزول القرآن في براءة عائشة:

إن الله تعالى قد أنزل في شأن عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات وحيا يتلى، يبرئها مما رميت به من الإفك في ستة عشرة آية متوالية من سورة النور وشهد الله لها بأنها من الطيبات ووعدها بالمغفرة والرزق الكريم، وهذه الآيات هي:

{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)} [النور: 11 – 19]

علمها:

قد تمتعت رضي الله عنها مع صغر سنها بسعة علم وذوق رفيع، وأدب بليغ، فصاحة لسان، وعلو بيان، ومعرفة بأيام العرب وتواريخها، وكيف لا وأبوها أبو بكر الصديق، وقد قدر لها الصحابة ذلك، وكان الأكابر إذا أشكل عليهم أمرٌ في الدين يستفتونها فيجدون علمه عندها.

روى البخاري ومسلم[7] عن ابن أبي مليكة عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حوسب يوم القيامة، عذب» فقلت: أليس قد قال الله عز وجل: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} [الانشقاق: 8]؟ فقال: ليس ذاك الحساب، إنما ذاك العرض، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب.

ورى الترمذي[8] عن أبي موسى قال: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما.

وروى الحاكم في المستدرك عن الزهري قال: لو جمع علم الناس كلهم، ثم علم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لكانت عائشة أوسعهم علما.[9]

عن عطاء، قال: كانت عائشة، أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة[10].

وروى الطبراني[11] في معجمه عن عروة قال: ما رأيت امرأة كانت أعلم بطب ولا بفقه ولا بشعر من عائشة.

جودها وكرمها وسخاؤها:

اكانت عائشة رضي الله عنها مثالاً للجود والكرم السخاء، وبلغت في ذلك أعلى درجاته، فكل ما يصل إليه تتصدق به سواء كان قليلا أو كثيراً، وحرصت رضي الله عنها طيلة حياتها على البقاء على معيشتها التي عاشت مع النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها كانت تعتبر أن دار الدنيا هذه دار ممر، فتزودت لذلك من دار الممر إلى دار المقر.

وهذا الفعل منها يدل دلالة واضحة على زهدها في هذه الدنيا وكثرة صدقاتها على الفقراء والمحتاجين، حتى بلغ بها كثرة صدقتها أنها باعت بعض ما تملكه وتصدقت بثمنه.

وقد عملت رضي الله عنها بما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب، وإياك ومجالسة الأغنياء، ولا تستخلقي ثوبا حتى ترقعيه.[12]

وروى الحاكم في المستدرك[13] عن عروة بن الزبير، أن معاوية بن أبي سفيان بعث إلى عائشة، رضي الله عنها بمائة ألف، فقسمتها حتى لم تترك منها شيئا، فقالت بريرة: أنت صائمة، فهلا ابتعت لنا بدرهم لحما؟ فقالت عائشة: لو أني ذكرت لفعلت.

وعن أم ذرة: بعث إليها ابن الزبير بمال في غرارتين. قالت: أراه ثمانين ومائة ألف، فدعت بطبق وهي يومئذ صائمة، فجعلت تقسمه بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلمي فطري، فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم ذرة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحما نفطر عليه؟ قالت: لا تعنفيني لو كنت ذكرتيني لفعلت.[14]

وروى الإمام مالك في موطئه[15]: أن مسكينا سأل عائشة، وهي صائمة، وليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاة لها: «أعطيه إياه»، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت: «أعطيه إياه»، قالت: ففعلت، قالت: فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا شاة وكفنها، فدعتني عائشة أم المؤمنين فقالت: كلي من هذا، هذا خير من قرصك.

عبادتها:

كانت عائشة رضي الله عنها كثيرة العبادة، وكانت صوامة قوامة، وكانت متأثرة بعبادة النبي صلى الله عليه وسلم تأثراً واضحاً، وظلت حريصة في المحافظة على نوافل العبادات تؤديها في وقتها، وبخاصة صلاة الليل، فكانت لا تدعها، وتنصح الناس بالمداومة عليها، وكانت تحض على صلاة الليل والتهجد، لأنها الأرجى بالإجابة، كما أنها كانت تطيل الصلاة كثيراً، وكانت كثيرة الدعاء لله عز وجل والتضرع له. وكانت مشغوفة بالصوم جداً، حتى بلغ بها أنها كانت تسرد الصوم، وتتحمل الصيام في أيام الحر الشديد، مهما بلغ منها الجهد والتعب، لقد صامت يوم عرفة حتى بلغ بها التعب حد الإغماء، وجعلت ترش بالماء فلما رآها أخوها عبد عبد الرحمن بن أبي بكر قال لها: أفطري، لكنها قالت: أفطر وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن صوم يوم عرفة يكفر العام الذي قبله.

وقالت رضي الله عنها: عليكم بقيام الليل فان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يدعه فان مرض قرأ وهو قاعد وقد عرفت ان أحدكم يقول بحسبي ان أقيم ما كتب لي وأني له ذلك وسألتها[16].


 

 الهوامش

[1] صحيح البخاري (5078)، صحيح مسلم (2438).

[2] صحيح البخاري (3662) صحيح مسلم (2384).

[3] صحيح البخاري (2593).

[4] المعجم الكبير للطبراني (23/718).

[5] صحيح البخاري (3768)، صحيح مسلم (2447).

[6] مسند أحمد (24462).

[7] صحيح البخاري (103) صحيح مسلم (2876).

[8] سنن الترمذي (3883).

[9] المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 12).

[10] المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 15).

[11] المعجم الكبير (23/294)

[12] سنن الترمذي (1780).

[13] المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 15).

[14] الزهد لهناد بن السري (1/ 337)

[15] موطأ مالك ت عبد الباقي (2/ 997/5)

[16] مسند أحمد – قرطبة (6/ 125)

Join our list

Subscribe to our mailing list and get interesting stuff and updates to your email inbox.

Thank you for subscribing.

Something went wrong.

Leave a Reply