الشاذ عند الإمام الحاكم النيسابوري

مثال الشاذ عند الإمام الحاكم النيسابوري دراسة وتطبيق

مثال الشاذ عند الإمام الحاكم النيسابوري دراسة وتطبيق

الإعداد: محمد هاشم القاسمي البستوي

تعريف الشاذ عند الحاكم: قال الحاكم في معرفة علوم الحديث: الشاذ هو حديث انفرد به ثقة من الثقات وإن كان حافظا بإسناد أو متن ولا يوجد له أصل متابع.

مثال الشاذ: ذكر الحاكم تحت الشاذ حديث معاذ بن جبل في الجمع بين الصلاتين المروي من طريقة قتيبة.

 الملحوظة: هذا الحديث مروي عن معاذ بن جبل بمختلف الإسناد والمتن، فأولا: نذكر ذلك الحديث، ثم نخرجه، ونجمع طرقه، ثم نحكم عليه بالشاذ حسب ما عرفه الحاكم الشاذ.

اعلم أن الحديث وارد بمتنين:

الحديث الأول: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ زَيْغِ الشَّمْسِ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى أَنْ يَجْمَعَهَا إِلَى العَصْرِ فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ عَجَّلَ العَصْرَ إِلَى الظُّهْرِ وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ سَارَ، وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ العِشَاءِ، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ العِشَاءَ فَصَلاَّهَا مَعَ الْمَغْرِبِ.

الحديث الثاني: عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا.

وجاء في رواية عنه:

أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ، جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِنْ يَرْتَحِلْ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ، حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ، وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ، إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ، جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَإِنْ يَرْتَحِلْ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا “.

تخريج الحديث الأول: أخرجه أبو داود (1220) والترمذي (523) وأحمد (22094) وابن حبان في صحيحه (1593) والدارقطني في سننه (1464) والطبراني في الأوسط (4533) وأيضا في الصغير (656) والخطيب في  الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1480)  كلهم من طريق قتيبة عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل به …

تخريج الحديث الثاني: أخرجه مسلم في صحيحه (706) وأبو داود في سننه (1206) والنسائي في سننه (587) وفي الكبرى أيضا (1576) وابن خزيمة في صحيحه (968) وابن حبان في صحيحه (1595) والدارمي في سننه (1556) والطحاوي في شرح معاني الآثار (963) والشاشي في مسنده (1340) والطبراني في الكبير (20/ 57/ 102) وعبد الرزاق في مصنفه (4399) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (6196) وأيضا في الكبرى  (5526) وأيضا في الدلائل (5/ 236) والفريابي في دلائل النبوة (25) كلهم عن مالك.  ومالك أيضا في موطئه من طريقه.

وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه (706) والطبراني في الكبير (20/ 58/ 105) و البزار في مسنده (2638) من طريق أبي خيثمة زهير بن معاوية.

وأخرجه مسلم (706) وابن خزيمة في صحيحه (966) وابن حبان في صحيحه (1591) وأبو داود الطيالسي في مسنده (570) وأحمد في مسنده (21997) والشاشي في مسنده (1338) والطبراني في المعجم الكبير (20/ 59/108) وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير (44) والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1479) من طريق قرة بن خالد.

وأخرجه الدار قطني في سننه (1462) وأحمد في مسنده (22036) والبزار في مسنده (2639) عبد بن حميد في مسنده (122) والشاشي في مسنده (1339) والطبراني في الكبير (20/ 58/ 103) والأصبهاني في الحلية (8/ 322) والبيهقي في السنن الكبرى (5527)  وفي الصغرى (528) وفي المعرفة (6197) وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير (43) و أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري في الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (1143) من طريق هشام بن سعد.

وأخرجه ابن ماجه في سننه (1070) وأحمد في مسنده (22012) والطبراني في الكبير (20/ 57/ 101) والأصبهاني في الحلية (7/ 88) وعبد  الرزاق في مصنفه (4398) والبيهقي في السنن الكبرى (5525) وابن أبي شيبة في مصنفه (8229) من طريق سفيان الثوري.

والطبراني في الأوسط (4532) وفي مسند الشاميين (94)  من طريق ابن ثوبان

وأخرجه الطبراني في الكبير (20/ 58/ 104)  وفي الأوسط (6378) من طريق عمرو بن الحارث.

وأخرجه الطبراني في الكبير (20/ 58/ 106) من طريق الأشعث بن سوار.

وأخرجه الطبراني في الكبير (20/ 58/ 107) و أبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير (47)  من طريق زيد بن أنيسة.

وأخرجه ابن الأعرابي في معجمه (193) من طريق بسام الصيرفي.

وأخرجه أبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير (42) من طريق ابن لهيعة.

وهولاء كلهم أي (مالك، وأبو خيثمة زهير بن معاوية، وقرة بن خالد، وقرة بن خالد، وهشام بن سعد، وابن ثوبان، وعمرو بن الحارث، والأشعث بن سوار، وزيد بن أنيسة، وبسام الصيرفي، وعبد الله بن لهيعة) عن  أبي الزبير.

وأخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 89) والبيهقي في السنن الكبرى (1814) من طريق عمرو بن دينار.

كلاهما (أبو الزبير وعمرو بن دينار) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل به….

الحكم بالشاذ: قد ظهر من هذا التخريج أن الحديث الأول المروي من طريق قتيبة هو شاذ الإسناد والمتن جميعا، لأنه لم يتابع أحد على قتيبة، ولم يروى هذا المتن بهذه السياقة إلا من طريق قتيبة عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل به… وقتيبة من الثقات الأثبات لا نعلل الحديث به، بل نعد هذا الحديث في الشاذ ونتوقف فيه، على ما عرفه الحاكم رحمه الله.

 وأما الحديث الثاني المروي من طريق أبي الزبير فهو ليس بشاذ، وإن تكلم أئمة الجرح والتعديل في أبي الزبير، كما قال أبو حاتم فيه: لا يحتج به، وقال الحافظ في التقريب: “صدوق إلا أنه كان يدلس”، وذكر أيضا أبا الزبير في الطبقة الثالثة من المدلسين، في كتابه طبقات المدلسين، وقال فيه عن الطبقة الثالثة: “من أكثر من التدليس فلم يحتج الائمة من أحاديثهم الا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي”.  ولذلك قال الحاكم في معرفة علوم الحديث: ولو كان الحديث عند الليث، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل لعللنا به الحديث، ولو كان عند يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الزبير لعللنا به.

 وعلى الرغم من هذا الجرح لا نحكم على حديث أبي الزبير بالشذوذ لأن أبا الزبير لم ينفرد بهذه الرواية بل تابعه عمرو بن دينار عند البيهقي في السنن الكبرى وعند أبي نعيم في الحلية، فثبت من هذه التفاصيل أن حديث قتيبة شاذ حسب ما عرفه الحاكم، لا نعرف له علة نعلله بها، فهذا الحديث موضوع، وقتيبة ثقة مأمون.

 ويؤيد قول الحاكم ما أسنده عن البخاري أنه قال: قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل؟ فقال: كتبته مع خالد المدايني، قال: البخاري، وكان خالد المدايني يدخل الأحاديث على الشيوخ.

فقد اتضح من هذا الدراسة أن حديث معاذ بن جبل في الجمع بين الصلاتين المروي من طريق قتيبة شاذ عند الحاكم، لأن الإمام الحاكم شرط في الشاذ أن يتفرد به راو ثقة وإن كان حافظا ضابطا ولا يوجد له متابع، وقد تفرد به قتيبة بن سعيد وهو من الثقات الأثبات، وليس له متابع كما ظهر من الدراسة. والله أعلم بالصواب.

Join our list

Subscribe to our mailing list and get interesting stuff and updates to your email inbox.

Thank you for subscribing.

Something went wrong.

Leave a Reply