معجزات النبي محمد

معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم

الحمد لله رب العالمين. العلى القدير. باسط الأرض ورافع السموات الذى أيد أنبياءه بالمعجزات الباهرات، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين خاتم الأنبياء والمرسلين.ةسيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

وبعد فإن لنا شرف عظيم أن نكتب عن معجزات الأنبياء والمرسلين الذين بعثهم الله مبشرين ومنذرين- يدعون إلى توحيد الله ويحاربون الإشراك به. ويرسون للبشرية منهج الخالق سبحانه وتعالى- الذى به تصلح الدنيا ويكتب للسالكين به الفوز العظيم فى يوم الدين.

        إن معجزات النبى صلى الله عليه وسلم كثيرة، ولكن ههنا نتحدث عن بعضها وأهمها إنشقاق القمر، ونزول المطر بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم على المنبر، وما حدث فى طريق الهجرة وحديث أم معبد وغيرها.

المعجزة هي الأمر الخارق للعادة، وقد ذكرنا معناها لغة واصطلاحا في مقالتنا: معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، إن شئت فارجع إليها، وتجد هناك معجزات أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم.

معجزة شق القمر:

إن من أعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وأشهرها معجزة شق القمر، كان الكفار قد سألوا علماء اليهود: ماذا ينبغي أن نسأل محمدا صلى الله عليه وسلم كدليل على صدقه؟ قالوا: إن أثر السحر ينحصر في الأرض، فقولوا له يريكم القمر شقين، فلعله لا ييتطيع ذلك. وبعد ذلك سأله الكفار شق القمر.

وروى أحاديث شق القمر عبد الله بن مسعود، وأمير المؤمنين علي المرتضى، وجبير بن مطعم النوفلي، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.

فقد أخرج الشيخان[1] عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اشهدوا”. وورد في الرواية لفظ “اشهدوا” بسبب أن شق القمر كان قد وقع بعد طلب الكفار على طريق المعجزة، وإلا ما معنى تأكيد الشهادة؟

وجاء في الصحيحين برواية أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما[2].

وفي رواية الصحيحين عن ابن مسعود ورد التصريح التالي: انفلق القمر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم[3].

وهكذا ورد التصريح بذلك في رواية جبير بن مطعم عند البيهقي وأبي نعيم، فقال: انشق القمر ونحن بمكة[4].

ويتضح بهذه التصريحات أن ثلاثة من أجلة الصحابة، وهم: علي وعبد الله بن مسعود وجبير بن مطعم النوفلي شهود عيان لهذه المعجزة. وحديث عبد الله بن عباس وأنس بن مالك من مراسيل الصحابة[5].

هذا والقرآن الكريم يصدق هذه المعجزة فيقول: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) } [القمر: 1 – 3]

نزول المطر بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم على المنبر:

أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما[6] عن أنس بن مالك، قال: أصابت الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم جمعة قام أعرابي، فقال يا رسول الله: هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده، ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد وبعد الغد، والذي يليه، حتى الجمعة الأخرى، وقام ذلك الأعرابي – أو قال: غيره – فقال: يا رسول الله، تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: «اللهم حوالينا ولا علينا» فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود.

وأخرج البيهقي في “الدلائل[7]” عن أبى وجزة يزيد بن عبيد السلمى قال: لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أتاه وفد بنى فزارة فيهم بضعة عشر رجلا فيهم خارجة بن الحصين، والحر بن قيس- وهو أصغرهم- ابن أخي عيينة بن حصن، فنزلوا في دار رملة بنت الحارث من الأنصار، وقدموا على إبل ضعاف عجاف وهم مسنتون، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرين بالإسلام، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بلادهم قالوا: يا رسول بالله، أسنتت بلادنا، وأجدبت أحياؤنا، وعريت عيالنا، وهلكت مواشينا، فادع ربك أن يغيثنا، وتشفع لنا إلى ربك ويشفع ربك إليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، ويلك هذا ما شفعت إلى ربي، فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه؟ لا إله إلا الله وسع كرسيه السموات والأرض وهو يئط من عظمته وجلاله كما يئط الرجل الجديد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يضحك من شفقتكم وأزلكم وقرب غياثكم، فقال الأعرابي:

ويضحك ربنا يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال الأعرابي: لن نعدم يا رسول الله من رب يضحك خيرا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر وتكلم بكلام ورفع يديه- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا فى الاستسقاء- ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه، وكان مما حفظ من دعائه: الله اسق بلدك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار. اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق، اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء، فقام أبو لبابة بن عبد المنذر فقال: يا رسول الله إن التمر في المرابد[8]، فقال رسول الله: اللهم اسقنا، فقال أبو لبابة التمر في المرابد، ثلاث مرات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا فيسد ثعلب[9] مربده بإزاره، قال: فلا والله ما في السماء من قزعة ولا سحاب وما بين المسجد وسلع من بناء ولا دار، فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت وهو ينطزون ثم أمطرت، فو الله ما رأوا الشمس ستا. وقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بازاره لئلا يخرج التمر منه، فقال رجل: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فصعد النبى ص المنبر فدعا ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه، ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية، ومنابت الشجر، فانجابت السحابة عن المدينة كانجياب الثوب.

حديث أم معبد وحلبه عليه السلام شاتها:

وأخرج البيهقي في “الدلائل[10]” أيضا عن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة فانتهينا إلى حي من أحياء العرب، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت منتحيا فقصد إليه، فلما نزلنا لم يكن فيه إلا امرأة، فقالت: يا عبد الله! إنما أنا امرأة، وليس معي أحد، فعليكما بعظيم الحي إذا أردتم القرى، قال: فلم يجبها وذلك عند المساء، فجاء ابن لها بأعنز له يسوقها، فقالت له: يا بني انطلق بهذه العنز والشفرة إلى هذين الرجلين فقل لهما تقول لكما أمي: اذبحا هذه وكلا وأطعمانا، فلما جاء، قال له النبي انطلق بهذه وجئني بأخرى، ففعل بها كذلك، ثم سقى أبا بكر، ثم جاء بأخرى ففعل بها كذلك، ثم شرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

قال: فبتنا ليلتنا، ثم انطلقنا فكانت تسميه المبارك وكثرت غنمها، حتى جلبت جلبا إلى المدينة، فمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فرآه ابنها فعرفه، فقال: يا أمه إن هذا الرجل الذي كان مع المبارك، فقامت إليه، فقالت: يا عبد الله من الرجل الذي كان معك؟ قال: وما تدرين من هو؟ قالت: لا، قال: هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قالت: فأدخلني عليه، قال: فأدخلها عليه، فأطعمها وأعطاها- زاد ابن عبدان في روايته- قالت فدلني عليه فانطلقت معي وأهدت له شيئا من أقط[11] ومتاع الأعراب قال فكساها وأعطاها قال: ولا أعلمه إلا قال أسلمت.

تكثيره عليه السلام السمن لأم سليم:

أخرج أبو يعلى في مسنده[12] بإسناد ضعيف عن أنس عن أمه قال: كانت لها شاة فجمعت من سمنها في عكة[13] فملأت العكة ثم بعثت بها مع ربيبة فقالت: يا ربيبة أبلغي هذه العكة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتدم بها، فانطلقت بها ربيبة حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله: هذه (عكة) سمن بعثت بها إليك أم سليم، قال:

أفرغوا لها عكتها، ففرغت العكة فدفعت إليها فانطلقت بها وجاءت وأم سليم ليست في البيت فعلقت العكة على وتد، فجاءت أم سليم فرأت العكة ممتلئة تقطر، فقالت أم سليم: يا ربيبة أليس أمرتك أن تنطلقي بها إلى رسول الله؟

فقالت: قد فعلت، فإن لم تصدقيني فانطلقي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت ومعها ربيبة فقالت: يا رسول الله إني بعثت معها إليك بعكة فيها سمن، قال: قد فعلت، قد جاءت، قالت: والذي بعثك بالحق ودين الحق إنها لممتلئة تقطر سمنا، قال: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سليم أتعجبين أن كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه؟ كلي وأطعمي، قالت: فجئت إلى البيت فقسمت في قعب لنا وكذا وكذا وتركت فيها ما ائتدمنا به شهرا أو شهرين.

قصة  في تكثير الطعام في بيت فاطمة:

أخرج أبو يعلى في مسنده[14] بإسناد ضعيف عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه، فطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئا، فأتى فاطمة فقال: يا بنية هل عندك شيء آكله فإني جائع؟ فقالت: لا والله بأبي أنت وأمي، فلما خرج من عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وغطت عليها وقالت: والله لأوثرن بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي ومن عندي، وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام، فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليها، فقالت: له بأبي أنت وأمي قد أتى الله بشيء فخبأته لك، قال: هلمي يا بنية، فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزا ولحما، فلما نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله فحمدت الله وصلت على نبيه صلى الله عليه وسلم وقدمته إلى رسول الله، فلما رآه حمد الله وقال: من أين لك هذا يا بنية؟ قالت: يا أبت هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فحمد الله وقال: الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل فإنها كانت إذا رزقها الله شيئا فسئلت عنه قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى وفاطمة وحسن وحسين، وجميع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته جميعا حتى شبعوا، قالت: وبقيت الجفنة كما هي، فأوسعت بقيتها على جميع جيرانها، وجعل الله فيها بركة وخيرا كثيرا، وهذا حديث غريب أيضا إسنادا ومتنا.


الحواشي

[1] صحيح البخاري (3636) صحيح مسلم (2158).

[2] صحيح البخاري (3637) صحيح مسلم (2159).

[3] صحيح البخاري (3869) صحيح مسلم (2158).

[4] انظر دلائل النبوة للبيهقي (2/ 268)، ولأبي نعيم (96/ 1).

[5] انظر رحمة للعالمين للمنصورفوري (ص: 739).

[6] صحيح البخاري (933) صحيح مسلم (897).

[7] دلائل النبوة للبيهقي (6/ 143)

[8] المرابد: جمع مربد وهو ما يبسط فيه التمر ويجفف.

[9] الثعلب: مخرج الماء من الحوض.

[10] دلائل النبوة للبيهقي (2/ 491).

[11] الأقط: يتخذ من اللبن المخيض، يطبخ، ثم يترك حتى يمصل.

[12] مسند أبي يعلى الموصلي (4213).

[13] عكة: إناء من فخار يوضع به السمن.

[14] انظر معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لابن كثير (ص: 91)

Join our list

Subscribe to our mailing list and get interesting stuff and updates to your email inbox.

Thank you for subscribing.

Something went wrong.

Leave a Reply