الإمام ابن شهاب الزهري، نشأته وحياته ودوره الريادي في علوم الحديث
الإعداد: فضيلة الشيخ محمد شعيب القاسمي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله الطيبين الطاهرين واصحابه الغر الميامين
يحتل علم الحديث النبوي الشريف من بين جميع العلوم مكانة أعلى ويستمد أهميته من كونه ثاني أدلة الأحكام حيث تبنى الشريعة الإسلامية الغراء أكثر أحكامها على السنة النبوية ولذا فإن العلماء قديما وحديثا إتفقوا على أن الإشتغال بعلم الحديث من أفضل العبادات وكيف لا يكون وهو يشتمل على أحوال خير البشر وأفضل المخلوقات عليه الصلاة والسلام. إن علم الحديث علم شريف الذكر ورفيع القدر وبه ينال المرء سعادة الدارين والفوز الأبدي بالجنة وقد اعتنى به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوهم بإحسان من التابعين وأتباعهم والعلماء على مدار التاريخ الإسلامي حيث أفنوا حياتهم كلها في تجميع الأحاديث النبوية وتبيين وتفصيل وشرح أحكامها وأقسامها وأصولها وفروعها فجزاهم الله خيرا.
الإمام محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري هو من العلماء الربانيين الذين لهم دور أساسي وأثر كبير في علم الحديث النبوي الشريف وحفظه ونشره وتدوينه وزادت شهرة الإمام إلى أن عده بعض العلماء “واضع علوم الحديث” وذلك لأنه أول من إعتنى بجمع الضوابط المتعلقة بعلوم الحديث كما عن مالك بن أنس قال:” أول من دون العلم ابن شهاب”[i] وكذلك وتدل نصوص العلماء عن الإمام على أنه كان أعلم بالسنة في عصره.
ولادته:
ولد في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم في سنة 50 هـ (وفق ما قال دحيم وأحمد بن صالح) أو سنة 51 هـ (كما قال خليفة بن خياط) أو سنة 56 هـ (كما قال يحي بن بكير) في خلافة معاوية رضي الله عنه وقد ماتت في نفس السنة السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وأبيها ونشاء فيها وسمي “محمد” وكان يكنى بأبي بكر ويعرف بالزهري وكذلك يعرف بإبن شهاب الذي كان جد جده يعني شهاب بن عبد الله.
هيئة الزهري وصفته:
كان الإمام الزهري قصيرا، قليل اللحية، له شعيرات طوال، خفيف العارضين وفق ما وصفه إبن وهب رواية عن يعقوب بن عبد الرحمن وكذلك روى الحميدي عن سفيان قال: “رأيت الزهري أحمر الرأس واللحية، في حمرتها انكفاء، كأنه يجعل فيها كتما، وكان رجلا أعيمش، وله جمة”. كان الإمام يخضب لحيته كما روى مسلم بن خالد المكي المشهور بالزنجي: “رأيت الزهري يصبغ بالسواد” وقال مالك: “رأيته يخضب بالحناء” وكذلك كان يلبس خاتما كما روي عن عقيل بن خالد قال: “رأيت على إبن شهاب خاتما نقشه: “محمد يسأل الله العافية” وكان يتطيب إلى حد يشم ريح المسك من سود دابته كما روى أبو نعيم في “الحلية” عن محمد بن قدامة قال: سمعت معنا القزاز يقول لإبن أخي الزهري: “هل كان الزهري يتطيب؟ قال: كنت أشم ريح المسك من سوط دابة الزهري”
حرصه على طلب العلم:
بدأ الزهري طلبه للعلم في سن مبكرة وأول شيء ركز عليه هو القرآن الكريم كما كانت عادة أطفال المسلمين الأوائل فحفظ القرآن الكريم في 80 ليلة ثم توجه إلى السنة المطهرة ومعرفة الحلال والحرام فجمع السنة وحفظها. بدأت الرحلة العلمية لصاحبنا رحمه الله مع عبد الله بن ثعلبه بن صعير فتعلم منه نسب قومه وشيئا من الشعر والقرأة والكتابة وبالإيجاز فإنه أخذ كل ما كان يملكه أستاذه الأول رحمه الله ثم توجه إلى سيد التابعين سعيد بن المسيب رحمه الله كما جالس عروة وعبيد الله وأبا بكر بن عبد الرحمن رحمهم الله تعالى حتى أصبح فقيها. وكان يصفه أهل العلم بـ”عالم الحجاز والشام” وذلك لأنه كان وحيد عصره ولم يكن في الحجاز والشام من يدانيه في غزارة العلم.
ضحى الزهري رحمه الله نفسه في سبيل طلب العلم وكان حريصا عليه كما كان دأب السلف الصالحين حيث يروي ابن أبي الزناد: عن أبيه، قال: كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كلما سمع، فلما احتيج إليه، علمت أنه أعلم الناس، وبصر عيني به ومعه ألواح أو صحف، يكتب فيها الحديث، وهو يتعلم يومئذ” وهذا أبو الزناد يقول: ” كنت أطوف أنا والزهري، ومعه الألواح والصحف، فكنا نضحك به” وكذلك يروى عن مروان بن محمد: سمع الليث يقول: “تذكر ابن شهاب ليلة بعد العشاء حديثا وهو جالس يتوضأ، فما زال ذاك مجلسه حتى أصبح”[ii] وروي عن ابن وهب: أنبأنا يعقوب بن عبد الرحمن: أن الزهري كان يبتغي العلم من عروة، وغيره، فيأتي جارية له وهي نائمة، فيوقظها، يقول لها: حدثني فلان بكذا، وحدثني فلان بكذا. فتقول: ما لي ولهذا؟ فيقول: قد علمت أنك لا تنتفعي به، ولكن سمعت الآن، فأردت أن أستذكره»
يقال بأن العلم لا يأتي إلا بمجالسة العلماء لدهر طويل فهذا هو الشيخ الإمام الزهري قد جالس التابعي الكبير سعيد بن المسيب رحمه الله لمدة ثمانية سنوات متتاليات وكان يحرص على أن يجلس قريبا من الشيخ لكي يستفيد أكثر ليس فقط من سماعه العلوم التي كانت تجري من فم الشيخ جريان الماء بل لكي تقر عينه برؤية وجه الشيخ المنور. يروى عن معمر قال: “سمعت الزهري يقول: مست ركبتي ركبة سعيد بن المسيب ثمان سنين”
صبره على العلم:
صرف الإمام رحمه الله همته كلها إلى العلم وانكب عليه ولم يشتغل بأي تجارة ولم يتزوج ثانية وكان له ابن وبنت فقط وزوجته الوحيدة كانت تشتكي من إنهماكه في العلم كما روى ابن خلكان أن الزهري إذا جلس في بيته وضع كتبه حوله، فيشتغل بها عن كل شيء من أمور الدنيا، فقالت له إمرأته يوما: “والله لهذه الكتب أشد على من ثلاث ضرار”[iii] يعني إذا كانت له ثلاث زوجات سواها تنال حصتها من عناية الإمام.
كان الإمام ينتظر ساعات في مجالس العلم لأخذ العلم من العلماء والمشايخ كما كان يتتبع العلماء لإرواء عطش العلم والمعرفة ودعنا نسمع منه، يقول: “ما صبر أحد على العلم صبري ولا نشره أحد نشري” وكذلك قال: “كنا نجالس سعيد بن المسيب فلا نسأله عن حديث، يأتيه إنسان فيسأله فيهيجه ذلك، فيحدث بالحديث ويبتدئ هو من عند نفسه فيحدث به”
منهج الإمام في الحصول على العلم:
كان الإمام الزهري يحفظ العلم و كان يكتب أولا لكي يحفظ فيما بعد ولذا كان يحمل معه ألواح وصحف يكتب فيها الأحاديث ولكنه لم يهدف من كتابته تدوين العلم بل الحفظ فقط وبعد ذلك كان يمحو كل ما كتب كما رواه إبن عساكر قال: “كان إبن شهاب يختلف إلى الأعرج وكان الأعرج يكتب المصاحف فيسأله الحديث ثم يأخذ قعطة ورقة فيكتب بها ثم يتحفظ، فإذا حفظ الحديث مزق الرقعة”. وعن أبي الزناد قال: “كنا نكتب الحلال والحرام وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع، فلما احتيج إليه، كان أعلم الناس”. وعن صالح بن كيسان قال: “كنت أطلب العلم، أنا والزهري، قال: فقال الزهري: “نكتب السنن، قال: فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: تعال نكتب ما جاء عن الصحابة، قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت”[iv]
أدبه لأساتذته:
ومما هو معلوم بأن الأدب مطلب ديني ودنيوي وقد قال الخطيب البغدادي رحمه الله: الواجب أن يكون طلبةُ الحديث أكملَ الناس أدبًا، وأشدَّ الخلق تواضُعًا، وأعظمَهم نزاهةً وتدينًا، وأقلَّهم طيشًا وغضبًا
كما ينهض الأدب بطالب العلم الذي لا ينتمي إلى عائلة معروفة أو قبيلة مشهورة كما قال بعض السلف: “من قعد به حسبه نهض به أدبه”. وهذا هو عطاء بن أبي رباح كان الطلاب يزدحم عليه في مكة المكرمة بسبب علمه وأدبه بينما كان عبدا مولى أسود. وقد أعطي الزهري رحمه الله حظا وافرا من الأدب لشيوخه وأساتذته حيث يقول بنفسه كما روى عنه الأوزاعي رحمه الله: ” كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحب إلينا من علمه” وأعجب منه ما روى الإمام مالك بن أنس رحمه الله عن الزهري قال: ” خدمت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة حتى أن كان خادمه ليخرج فيقول من بالباب؟ فتقول الجارية غلامك الأعيمش – فتظن أنى غلامه – وإن كنت لا خدمه حتى لأستقي له وضوءه”[v]
أعجوبة الزمان في قوة حفظه وذكائه:
تمتع الزهري رحمه الله بمواهب وخصائص فطرية ساعدته في الوصول إلى المكانة العلمية المرموقة التي يرغب فيها كل طالب وكانت من مواهبه الفطرية قوة حفظه وذاكرته الواعية حيث كان أعجوبة الزمان في ذكائه الوقاد وسرعة حفظه وعدم نسيان ما حفظ وقد تتحير العقول عندما تسمع قصص قوة حفظه ويتعجب على حاله الأذكياء والعلماء ذوو الحفظ والإتقان فهذا هو الإمام مالك رحمه الله يذكر سرعة حفظه وقوة ذاكرته كما روى ابن مهدي: “سمعت مالكا يقول: حدث الزهري يوما بحديث، فلما قام، قمت، فأخذت بعنان دابته، فاستفهمته. فقال: تستفهمني؟! ما استفهمت عالما قط، ولا رددت شيئا على عالم قط” وكذلك روي عن ابن المديني: “سمعت عبد الرحمن يقول: قال مالك: حدثنا الزهري بحديث طويل، فلم أحفظه، فسألته عنه، فقال: أليس قد حدثتكم به؟ قلنا: بلى. قلت: كنت تكتب؟ قال: لا. قلت: أما كنت تستعيد؟ قال: لا” وروى الإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن مهدي. تابعه: ابن وهب. قال عثمان الدارمي: حدثنا موسى بن محمد البلقاوي: سمعت مالكا يقول: حدث الزهري بمائة حديث، ثم التفت إلي، فقال: كم حفظت يا مالك؟ قلت: أربعين. فوضع يده على جبهته، ثم قال: إنا لله! كيف نقص الحفظ” وقد روي عن معمر: عن الزهري: “ما قلت لأحد قط: أعد علي”[vi] ومثله روي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري. قال: “ما استعدت حديثا قط ولا شككت في حديث قط، إلا حديثا واحدا فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت”[vii] وقد روى سعيد بن عبد العزيز أن هشام بن عبد الملك سأل الزهري أن يكتب لبنيه شيئا من حديثه، فأملى على كاتبه أربعمائة حديث ثم خرج على أهل الحديث فحدثهم بها، ثم إن هشاما قال للزهري: إن ذلك الكتاب ضاع، فقال: لا عليك، فأملى عليهم تلك الأحاديث فأخرج هشام الكتاب الأول فإذا هو لم يغادر حرفا واحدا، وإنما أراد هشام امتحان حفظه”[viii]
وقد اكتشف الخليفة عبد الملك بن مروان هذه المواهب في الزهري فأمره بالاستزادة وحثه على طلب مزيد من العلم ونهاه عن الإشتغال بأي شيء سوى العلم كما روى بن عساكر عن الزهري قال: “وأمر لي بجائزة ورزق يجري وشراء دار قطيعة بالمدينة وقال: إذهب فاطلب العلم ولا تشاغل عنه بشيء فإني أرى لك عينا حافظة وقلبا كيسا، وأت الأنصار في منازلهم”.
هجرته إلى الشام:
بسبب الفتنة التي قد وقعت بين عبد الملك بن مروان وعبد الله بن الزبير رضي الله عنه أصابت أهل المدينة الضائقة الإقتصادية وقد إنتهت الفنتة بمقتل ابن الزبير رضي الله عنهما ودخول جيش الحجاج مكة وكذا تم توحيد العالم الإسلامي تحت راية عبد الملك في عام 73 هــ ولكن تأثير الفتنة على الوضع الإقتصادي في المدينة كانت طويلة.
والجدير بالذكر بأن الزهري رحمه الله قد أصابه اليتم في صغر سنه حيث توفي أبوه وترك عيالا ولكن لم يترك مالا وعندما كبر تحمل عبء النفقة على أخواته البنات اللواتي تركهن أبوه ولكن ضاق وضعه المالي ولم يستطع إيجاد مخرج فاضطر إلى الهجرة إلى دمشق ضربا في الأرض وسعيا وراء الرزق كما رواه ابن عساكر عن ابن أبي ذئب قال: “كان ابن شهاب قد ضاقت حاله ورهقه دين فخرج إلى الشام في زمان عبد الملك بن مروان فجالس قبيصة ابن ذؤيب”[ix]
وبعد الوصول إلى الشام جالس الزهري قبيصة بن ذؤيب وفي يوم من الأيام وجد فرصة للقاء الخليفة عبد الملك بن مروان بواسطة شيخه قبيصة وذلك عندما كان الخليفة يبحث عن شخص عالم بالحكم في أمهات الأولاد فأدخله قبيصة على الخليفة وحدثه الزهري الحديث في أمهات الأولاد عن عمر رضي الله عنه. طرح الخليفة عبد المك عليه أسئلة عديدة وأطمئن بما أجاب الزهري رحمه الله فجرى عليه الرزق وفرض له فرائض وأمر أن يكتب له في ديوانه في الشام وذلك في السنة 82 هـ كما قال الليث: “قدم ابن شهاب على عبد الملك سنة 82 ه”.
عودته إلى المدينة المنورة لطلب المزيد من العلم:
بعد أن زالت العوائق التي كانت تحول دون متابعة العلم، سافر الزهري إلى المدينة المنورة لمتابعة العلم على أيدي كبار التابعين من العلماء وخاصة الفقهاء السبعة ومما يجدر بالذكر هنا فإن الخليفة عبد الملك بن مروان رحمه الله أوصاه بأن يأتي الأنصار في منازلهم لأخذ العلم عنهم حيث قال له مرة: “فأين أنت من الأنصار فإنك واجد عندهم علما، أين أنت من إبن سيدهم خارجة بن زيد، وأين أنت من عبد الرحمن بن يزيد بن جارية؟” قال الزهري: “فسمى لي رجالا منهم. وقال: “فقدمت المدينة فسألتهم وسمعت منهم فوجدت عندهم علما كثيرا”.[x]
وبعد وفاة عبد الملك رحمه الله في السنة 86 هـ لزم الإمام الزهري إبنه الوليد (ت 96 هـ) ثم سليمان (ت 99 هـ)، ثم عمر بن عبد العزيز (ت 101 هـ) ، ثم يزيد (ت 105 هـ)، ثم هشام بن عبد الملك (ت 115 هـ)[xi] وصير هشام الزهري مع أولاده، يعلمهم ويحج معهم وكان لتربية الزهري تأثير عظيم على أولاده فأصبحوا نعم الشباب خلقا وسلوكا ونصرهم الله حيث فتح على أيديهم بلادا كثيرة ودخل سكانها في دين الإسلام كما يشهد بها التاريخ.
عدم المداهنة في أمور الحق:
رغم إتصاله القوي مع الخلفاء كان الزهري رحمه الله ثابتا على الحق ولم يداهن في أمور الحق قطعيا ولم يعبر عن موافقته مع ما يخالف السنة الصحيحة بل كانت لهجته شديدة وعنيفا في الرد على الأقوال الباطلة ولو جاءت من الخلفاء ولم يخشى في الحق لومة لائم أبدا كما روى الذهبي في سير أعلام النبلاء قال: دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك، فقال: يا سليمان، من الذي تولى كبره منهم؟ قال: عبد الله بن أبي ابن سلول. قال: كذبت، هو علي. فدخل ابن شهاب، فسأله هشام، فقال: هو عبد الله بن أبي. قال: كذبت، هو علي. فقال: أنا أكذب لا أبا لك! فوالله لو نادى مناد من السماء: إن الله أحل الكذب، ما كذبت، حدثني سعيد، وعروة، وعبيد، وعلقمة بن وقاص، عن عائشة: أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي، قال: فلم يزل القوم يغرون به. فقال له هشام: ارحل، فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل على مثلك. قال: ولم؟ أنا اغتصبتك على نفسي، أو أنت اغتصبتني على نفسي؟ فخل عني. فقال له: لا، ولكنك استدنت ألفي ألف. فقال: قد علمت وأبوك قبلك أني ما استدنت هذا المال عليك ولا على أبيك. فقال هشام: إنا أن نهيج الشيخ. فأمر، فقضى عنه ألف ألف، فأخبر بذلك، فقال: الحمد لله الذي هذا هو من عنده”[xii]
عاب بعض الناس الزهري بصحبة الخلفاء ولكن ليس لهم أي دليل على أنه وافق الأمراء والخلفاء على الأباطيل والمناكير وأما صحبة الخلفاء والأمراء فهي ليست محرمة في الشريعة الإسلامية ولكن منع عدد كبير من العلماء صحبة الأمراء خوفا من الوقوع في المنهي عنه. وقد ثبت من الروايات الموثوقة أن الصحابة الكرام مثل عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس والحسن بن علي رضي الله عنهم اجمعين وفدوا على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما الذي أعطاهم الهدايا وهم قبلوها ورجعوا بها كما ذهب عروة بن الزبير إلى عبد الملك وابنه الوليد ورجع بالعطاء والإكرام وكذلك روي أن الإمام مالك رحمه الله كان يقبل هدايا الخلفاء العباسيين. ولذا فإنه إذا إختار الإمام الزهري صحبة الخلفاء فلم يفعل ما يقدح فيه وقد قال الإمام الذهبي في السير: “بعض من لا يعتد به لم يأخذ عن الزهري؛ لكونه كان مداخلا للخلفاء، ولئن فعل ذلك، فهو الثبت الحجة، وأين مثل الزهري رحمه الله؟”[xiii]
وقد أحسن ما قال الشيخ/ أحمد حسن شراب في كتابه “الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام”: “ذلك أن السلاطين منذ أن أصبحوا يعينون أنفسهم بالقوة أو يحصلون على الإمارة بالوراثة قد يسوسون الناس بإجتهادهم الذي يرونه صائبا أو برأي المستشارين الذين يكون منهم الصالح ويكون منهم المداري الممالئ الذي يزين للسلطان سياسته وكثيرا ما يقع السلطان في الخطأ بسب زمرة السوء التي تحيط به فإذا وجد الأمير بجانبه أهل الفهم والحق والصلاح فقد يوجهون سياسته نحو الأصلح من الأمور وقد يحمونه من الوقوع في مزالق الضلال”[xiv] ويشهد بهذا ماروى ابن عبد ربه الأندلسي في كتابه الشهير “العقد الفريد”: دخل الزهري على الوليد بن عبد الملك، فقال له: ما حديث يحدّثنا به أهل الشام؟ قال: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال يحدّثوننا أن الله إذا استرعى عبدا رعية كتب له الحسنات ولم يكتب له السيئات. قال: باطل يا أمير المؤمنين، أنبىّ خليفة أكرم على الله أم خليفة غير نبي؟ قال بل نبيّ خليفة. قال: فإن الله يقول لنبيه داود: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ” فهذا وعيد يا أمير المؤمنين لنبيّ خليفة؛ فما ظنك بخليفة غير نبيّ؟ قال: إن الناس ليغروننا عن ديننا”[xv]
أساتذته الأربعة من أعلام التابعين:
هناك اربعة أعلام من كبار التابعين الذين نهل الزهري من علومهم وكان لهم أثر كبير في حياته وهم:
(1) سعيد بن المسيب الذي كان له عند الناس قدر كبير بسبب ورعه وعلمه وتقواه وقد جالسه الزهري ست سنين أو ثماني سنين أو عشر سنين باختلاف الروايات في هذا الصدد.
(2) عروة بن الزبير الذي كان أحد الفقهاء السبعة في المدينة المنورة (زادها الله شرفا وعظمة) وكان يكفي له شرفا أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت خالته وقد وصلت مرويات عروة عن خالته رضي الله تعالى عنها في الكتب الستة إلى خمسين وألف حديث كما روى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها خمسة وخمسين وثلاثمائة حديث وهي تساوي حوالي سدس مرويات الزهري من الحديث بعامة أو هي تساوي ربع ما جاء في الكتب الستة.
(3) عبيد الله بن عبد الله بن عتبة الهذلي الذي كان أحد الفقهاء العشرة ثم السبعة وكان عالما فاضلا تقيا وكان معلم عمر بن عبد العزيز رحمه الله. جالسه وخدمه صاحبنا الزهري حتى ظنت جارية عبيد الله أن الزهري غلامه حيث روى الزهري بنفسه: “”خدمت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة حتى أن كان خادمه ليخرج فيقول عبيد الله: من بالباب؟ فتقول الجارية: غلامك الأعيمش، فتظن أني غلامه وإن كنت لأخدمه حتى لأستقي له وضوءه”. كانت أكثر روايات الزهري عن ابن عباس، عن طريق عبيد الله وفي الكتب الستة ثمانية وثلاثون حديثا عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس، نقل منها الزهري ثمانية وعشرين حديثا.
(4) أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث الذي كان يلقب “راهب قريش” ولكنه كان قليل الرواية ويبدو أن الزهري أخذ عنه الفقه والفتوى أكثر مما أخذ من الحديث.[xvi]
أشهر تلاميذ الإمام:
عندما انتشرت شهرة الإمام في الآفاق، بدأء طلاب العلم يزدحمون عليه من كل فج وعميق لكتابة أحاديثه ونقل علومه الجمة ومن أشهر تلاميذه عطاء بن أبي رباح – وهو أكبر منه – وعمر بن عبد العزيز – ومات قبله ببضع وعشرين سنة – وعمرو بن دينار، وعمرو بن شعيب، وقتادة بن دعامة، وزيد بن أسلم، وطائفة من أقرانه، ومنصور بن المعتمر، وأيوب السختياني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو الزناد، وصالح بن كيسان، وعقيل بن خالد، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومحمد بن أبي حفصة، وبكر بن وائل، وعمرو بن الحارث، وابن جريج، وجعفر بن برقان، وزياد بن سعد، وعبد العزيز بن الماجشون، وأبو أويس، ومعمر بن راشد، والأوزاعي، وشعيب بن أبي حمزة، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وإبراهيم بن سعد، وسعيد بن عبد العزيز، وفليح بن سليمان، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، وسفيان بن حسين، وصالح بن أبي الأخضر، وسليمان بن كثير، وهشام بن سعد، وهشيم بن بشير، وسفيان بن عيينة، وأمم سواهم.
منهج الإمام وجهوده في نشر العلم والسنة:
قام الإمام بجهود جبارة في نشر العلم والسنة وجهوده لم تقتصر على سكان المدينة بل كانت الأعراب يتلقون العلم من هذا الحبر والبحر ولكن ما هو منهج نشر العلم والسنة الذي كان الإمام الزهري يتبعه؟ هل إتخذ حلقة من حلقات العلم التي كانت منتشرة في ذلك الوقت حيث يتحلق حولها الطلاب؟ فالروايات تثبت أن صاحبنا لم يستقر في مكان واحد لمدة طويلة بل كان يتنقل بشكل مستمر وقابله الطلاب في كل مكان يذهب إليه سواء ذهب إلى دمشق أو “شغب” أو “الراهب” أو المدينة أو مكة (زادهما الله شرفا وعظمة) أو بادية من البوادي أو قرية من القرى كما كان الإمام يذهب إلى البوادي ويعلم الأعراب ويعظهم ويفقههم ويقدم لهم الأطعمة اللذيذة التي كان يملكها ويمد إليهم يد المعاونة حيث يروي سويد بن سعيد: حدثنا ضمام، عن عقيل بن خالد: “أن ابن شهاب كان يخرج إلى الأعراب يفقههم، فجاء أعرابي وقد نفد ما بيده، فمد الزهري يده إلى عمامتي، فأخذها، فأعطاه، وقال: يا عقيل، أعطيك خيرا منها”[xvii]. كان الإمام سخيا كريما حيث كان ينفق على طلاب العلم ويقدم لهم طعاما ويقضي حوائجهم كما كان يحثهم على الإعتصام بالسنة. وبالإيجاز فإن المال الذي كان يحصل عليه من ديوان العطاء وكذلك الهدايا التي كانت تأتيه من الخلفاء يبذلها الإمام على طلاب العلم و كان يتحمل نفقات الطلاب في الأسفار حيث كان كثير السفر كما روي أن زياد بن سعد قال للزهري: “إن حديثك ليعجبني ولكن ليست معي نفقة فأتبعك، فقال له الزهري: “اتبعني، أحدثك وأنفق عليك”. وبالإيجاز فإن الزهري لم تكن له حلقة ثابتة يومية بل كانت له حلقات في المسجد وفي البيت ولم يقم الإمام في مكان ما إلا أصبحت له حلقة علمية ودينية وتربوية.
كما كان الإمام يقوم بتوجيه الطلاب إلى العمل بالعلم حيث قال: “لا يرضي الناس قول عالم لا يعمل ولا عمل عامل لا يعلم” وكذلك كان يحثهم على دوام المذاكرة كما روي عنه قال: ” إنما يذهب العلم النسيان وقلة المذاكرة”.
وأما طرائق تحمل الطلاب العلم عن الإمام الزهري، فكان هناك خمسة طرائق إتبعها الإمام في نقل علومه إلى طلابه وهي: (1) الإملاء على الطلاب كما أملى على أبناء الخليفة هشام بن عبد الملك (2) العرض يعني القراءة على الشيخ حيث قال الزهري: “القراءة على العالم والسماع منه سواء إن شاء الله” (3) المناولة كما روي عن عبيد الله بن عمر بن حفص قال: دفعت إلى ابن شهاب كتابا نظر فيه فقال: اروه عني” (4) الإجازة لما روي عن معمر قال: “رأيت أيوب السختياني يعرض عليه – على الزهري – العلم فيجيزه (5) الكتابة كما قال نافع بن يزيد: “أخبرني جعفر بن ربيعة أن ابن شهاب كتب إليه”[xviii]
تدوين الأحاديث ودور الإمام الزهري الريادي:
إن الإمام الزهري كان يكره أن يكتب الطلاب الأحاديث وذلك لكي لا يتكلوا على ما كتبوا في صحفهم بل يحفظون ويعتمدون على ذاكرتهم لأن من شأن الحفظ تقوية الذاكرة وشحذ الأذهان ولكنه أملى على أبناء الخليفة هشام إبن عبد الملك أربعة مئة حديث وذلك بناء على طب الخليفة الذي كان ينوي أن يمتحن حفظ الإمام حيث ذاع صيت قوة حفظه في الآفاق وبعد أن مضى شهر واحد دعاه الخليفة مرة ثانية وادعى أن الكتاب الذي كان يحتوي على تلك الأحاديث قد ضاع فأملى الإمام تلك الأربع مئة الحديث مرة أخرى بدون أي تغيير.
ومما يجدر بالذكر هنا أن تدوين الأحاديث قد بدأ في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله الذي كان يعزم على حفظ السنة الصحيحة ولذلك طلب بجمع الأحاديث من أعلام السنة مثل أبو بكر بن حزم وابن شهاب الزهري كماروى أبو عمر يوسف بن عبد البر رحمه الله في كتابه “جامع بيان العلم وفضله” عن الزهري قال: “«أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن فكتبناها دفترا دفترا، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترا”[xix] وكذلك روى الدارمي رحمه الله في مسنده عن عبد الله بن دينار قال: ” كتب عمر بن عبد العزيز، إلى أهل المدينة أن انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبوه فإني قد خفت دروس العلم وذهاب أهله”[xx] وفي نفس السياق قال العلامة ابن حجر العسقلاني رحمه الله: “كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظا كما أخذوا حفظا لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه وأول من دون الحديث بن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز ثم كثر التدوين ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير فلله الحمد”[xxi]
ولكن يلزم أن يوضع في الذهن بأنه إذا أريد بتدوين الحديث “كتابة الحديث” فهذا لا يصح نسبته إلى الإمام الزهري وذلك لأن كتابة الحديث قد بدأت في العهد النبوي صلى الله عليه وسلم كما تشهد بهذه الحقيقة الأحاديث التي رواها البخاري رحمه الله في صحيحه وهي: “عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قال: قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر”[xxii] وعن أبي هريرة: أن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث – عام فتح مكة – بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فركب راحلته فخطب، فقال: (إن الله حبس عن مكة القتل، أو الفيل – شك أبو عبد الله – وسلط عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ألا، انها لم تحل لأحد قبلي، ولم تحل لأحد بعدي، ألا وإنها حلت لي ساعة من نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد، فمن قتل فهو بخير النظرين: إما أن يعقل، وإما أن يقاد أهل القتيل). فجاء رجل من أهل اليمن فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال: (اكتبوا لأبي فلان). فقال رجل من قريش: إلا الإذخر يا رسول الله، فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إلا الإذخر إلا الإذخر).قال أبو عبد الله: يقال: يقاد بالقاف، فقيل لأبي عبد الله: أي شيء كتب له؟ قال: كتب له هذه الخطبة[xxiii] وعن وهب بن منبه، عن أخيه قال:سمعت أبا هريرة يقول: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب”[xxiv]
وعلى كل حال فإن التدوين لا يعني الكتابة أو التأليف ولذا فإنه إذا قيل أن أول من دون الحديث هو ابن شهاب الزهري يراد به أن الإمام الزهري سمح تلاميذه بكتابة الأحاديث وأملى عليهم بعد أن كان يمنع وذلك خوفا من الإعتماد على الكتاب بدلا من الذاكرة ولذلك نجد أن عددا كبيرا من تلاميذه دونوا أحاديثه في حياته مثل: يونس بن يزيد الأيلي وعقيل بن خالد وشعيب بن أبي حمزة الحمصي وغيرهم وقد يوجد هناك “الجامع” المنسوب إلى معمر بن راشد، تلميذ الزهري[xxv].
رواية الزهري من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين:
عاصر وشافه الزهري عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و روى مشافهة تسعة وتسعين حديثا عن أنس بن مالك رضي الله عنه وحديثين عن سهل بن سعد الساعدي وحديث واحد عن عبد الله بن الزبير وأربعة أحاديث عن السائب بن يزيد وثلاثة أحاديث عن عبد الله ابن عمر و ستة أحاديث عن أسعد بن سهل ابن حنيف (مرسل) وحديث واحد عن سنين أبو جميلة السلمي وأربعة أحاديث عن عبد الله بن ثعلبة ابن صغير وحديث واحد عن عبد الرحمن بن أزهر وحديث واحد عن محمود بن الربيع الأنصاري[xxvi]
كما كان جل مروياته عن كبار التابعين الذين كانت ولادة بعضهم في بداية العهد الراشدي إذ كانت البلاد الإسلامية تموج بالصحابة كبارهم وصغارهم وكان الزمن قريبا من المنهل النبوي وكذا تم الحصول على السند العالي للزهري رحمه الله حيث كان بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم صحابي أو صحابي وتابعي فروى من أمثال عبد الله بن عامر بن ربيعة، ومالك بن أوس بن الحدثان، وسعيد بن المسيب – وجالسه ثماني سنوات، وتفقه به – وعلقمة بن وقاص، وكثير بن العباس، وأبي أمامة بن سهل، وعلي بن الحسين، وعروة بن الزبير، وأبي إدريس الخولاني، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك بن مروان، وسالم بن عبد الله، ومحمد بن جبير بن مطعم، ومحمد بن النعمان بن بشير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعثمان بن إسحاق العامري، وأبي الأحوص مولى بني ثابت، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، والقاسم بن محمد، وعامر بن سعد، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبد الله بن كعب بن مالك، وأبي عمر – رجل من بلي، له صحبة – وأبان بن عثمان رحمهم الله تعالى.
رواية العلماء عن الزهري:
حدث عنه عطاء بن أبي رباح – وهو أكبر منه – وعمر بن عبد العزيز – ومات قبله ببضع وعشرين سنة – وعمرو بن دينار، وعمرو بن شعيب، وقتادة بن دعامة، وزيد بن أسلم، وطائفة من أقرانه، ومنصور بن المعتمر، وأيوب السختياني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو الزناد، وصالح بن كيسان، وعقيل بن خالد، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومحمد بن أبي حفصة، وبكر بن وائل، وعمرو بن الحارث، وابن جريج، وجعفر بن برقان، وزياد بن سعد، وعبد العزيز بن الماجشون، وأبو أويس، ومعمر بن راشد، والأوزاعي، وشعيب بن أبي حمزة، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وإبراهيم بن سعد، وسعيد بن عبد العزيز، وفليح بن سليمان، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، وسفيان بن حسين، وصالح بن أبي الأخضر، وسليمان بن كثير، وهشام بن سعد، وهشيم بن بشير، وسفيان بن عيينة، وأمم سواهم
عدد الأحاديث المروية عنه:
قال علي بن المديني: له نحو من ألفي حديث. وقال أبو داود: حديثه ألفان ومائتا حديث، النصف منها مسند[xxvii]. وقد تم الإستخراج من الكتب الستة 1077 حديثا عن الزهري حيث روى 223 حديثا عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر و276 حديثا عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة و223 حديثا عن أبي سلمة عن أبي هريرة و355 حديثاعن عروة عن عائشة رضي الله عنهم أجمعين. فهذه سبعة وسبعون وألف حديث من أصل 1449 حديث مروية عن أربعة من التابعين ويقارب نصفها مروي عن صحابي واحد[xxviii].
وسعة رواية الزهري:
كان الزهري رحمه الله واسع الرواية فمروياته لم تقتصر على السيرة فقط بل تحتوى على الأخبار الإسلامية وفتاوى الصحابة وكبار التابعين وقد إحتل هذه المكانة العلمية بسبب كثرة شيوخه حيث روى عن عدد كبير من العلماء والشيوخ كما روى ابن حجر عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم قوله: “قلت لأبي بما فاقكم بن شهاب قال كان يأتي المجالس من صدورها ولا يلقى في المجلس كهلا الا سائله ولا شابا إلا سائله ثم يأتي الدار من دور الأنصار فلا يلقى شابا الا سائله ولا كهلا ولا عجوزا ولا كهلة لا سائلة حتى يحاول ربات الحجال”. وتدل هذه القصة على كثرة من أخذ عنهم الإمام الزهري وهؤلاء غير الصحابة والشيوخ الأربعة من كبار التابعين.
عناية الإمام الزهري بأسانيد الأحاديث ومتنها:
كما هو معلوم بأن الأمة الإسلامية لها مزايا وخصائص لم توجد لدى أي دين من الأديان الأخرى ومنها نقل الدين بكل دقة وصحة وموصول بالنبي الأمي صلى الله عليه وسلم وقد بدأت عملية التثبت والتحري في قبول الأحاديث النبوية منذ زمن صغار الصحابة عندما بدأ الناس يركبون الصعب والذلول كما قال حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ” إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف” وكذلك روى أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في مسنده المعروف بسنن الدارمي عن طريق أبي العالية حيث قال: ” إن كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نرض، حتى ركبنا إلى المدينة، فسمعناها من أفواههم”
ومما ذكر أعلاه تظهر أهمية الإسناد الذي خص الله به أمة محمد المصطفي صلى الله عليه وسلم دون سائر الملل وقد قال عبد الله بن مبارك رحمه الله مبينا أهمية الإسناد: “الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء” وقد عنى صاحبنا الإمام الزهري رحمه الله تعالى بالأسانيد عناية خاصة وتامة حيث لم يتحمل سماع أي حديث روي بدون ذكر إسناده وغضب غضبا شديدا كما روى أبو تعيم رحمه الله تعالى في “حلية الأولياء” قال: جلس إسحاق بن عبد الله بالمدينة في مجلس الزهري فجعل إسحاق يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال الزهرى: مالك قاتلك الله يا ابن أبي فروة ما أجرأك على الله! أسند حديثك، تحدثونا بأحاديث ليس لها خطم ولا أزمة”[xxix] وكذلك روى الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قال: قال ابن عيينة: حدث الزهري يوما بحديث، فقلت: هاته بلا إسناد. قال: أترقى السطح بلا سلم؟[xxx] وروى إبن عساكر في تاريخ دمشق عن الوليد بن مسلم قال: “خرج الزهري من الخضراء فجلس ذلك العمود من عند عبد الملك فقال يا ايها الناس إنا قد كنا منعناكم شيئا قد بذلناه لهؤلاء فتعالوا حتى أحدثكم قال فسمعهم يقولون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال يا أهل الشام ما لي ارى أحاديثكم ليس [لها] أزمة ولا خطم قال الوليد وقبض يده وقال تمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذ”[xxxi] إن هذه الروايات وسواها مثلها تدل على أن الإمام ابن شهاب الزهري كان يعتني بالإسناد في أخذه الأحاديث من التابعين كما كان يوصي تلاميذه ويوجههم برواية الأحاديث التي توجد لها أسانيد.
وعلاوة على عناية الإمام بأسانيد الأحاديث، كان يهتم كثيرا بمتن الحديث حيث كان أعجوبة الزمان في حفظ الأحاديث كما ذكر أعلاه وقد شهد بذلك الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى حيث قال: “ما رأيت أحدا أحسن سوقا للحديث – إذا حدث – من الزهري” وكذلك روي عن عمرو بن دينار المكي: قال: “ما رأيت أحدا أنص للحديث من الزهري”. كان الإمام حريصا على رواية كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعه وذلك لأن الزيادة على المتن الأصلي الصحيح أو النقص فيه تفتح باب الوضع في الحديث وإلى هذا أشار الإمام عندما قال لأهل العراق: “يا أهل العراق يخرج الحديث من عندنا شبرا، ويصير عندكم ذراعا”[xxxii] مما يجدر بالذكر بأن العراق كانت موطن الخلافات والأهواء السياسية ولذا كان بعض أهل العراق يحدثون التغيير في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأغراضهم السياسية والعقدية.
صفة الكرم تتجلى في الزهري:
الكرم هي من صفات الرب تبارك وتعالى كما إشار إليه نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: “إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه؛ فيردهما صفرًا”. أو قال: “خائبتين” [ وهي من الصفات المميزة والحميدة التي يجب على المسلمين الإتصاف بها وقد تجلت هذه الصفة بكل معانيها في صاحبنا الإمام الزهري رحمه الله إتباعا للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان من خصاله الحميدة أنه كان لا يرد أحدا يسأله كما روى البخاري رحمه الله: “ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قط فقال لا”. فكان يجود على الناس بالمال والطعاما كما كان يجود عليهم بالعلم والفقه والموعظة وقد تناقلت الأخبار الموثوقة كرم الزهري فهذا هو عقيل بن خالد رحمه الله يروي أن ابن شهاب كان يخرج إلى الأعراب يفققهم ويعطيهم فجاءه رجل وقد نفد ما في يده، فرد الزهري يده إلى عمامة عقيل فنزعها فأعطاها الرجل، فقال لعقيل: أعطيك خيرا منها” وكذلك يروي الليث رحمه الله: كان ابن شهاب من أسخى من رأيت قط وكان يعطي كل من جاءه وسأله، حتى إذا لم يبق معه شيء تسلف من أصحابه فيعطونه، حتى إذا لم يبق معهم شيء يستسلف من عبيده، فيقول لأحدهم: “يا فلان، أسلفني كما تعرف، وأضعف لك كما تعلم، فيسلفونه ولا يري بذلك بأسا”.
لم يكن كرمه محدودا على تلاميذه أو أصدقائه أو الفقراء بل كان يولى الرعاية للنساء المسنات حيث يقدم لهن الخدم كما روى الإمام الذهبي: “ونزل (الزهري) مرة بماء، فشكا إليه أهل الماء: أن لنا ثماني عشرة امرأة عمرية، أي: لهن أعمار ليس لهن خادم. فاستسلف ابن شهاب ثمانية عشر ألفا، وأخدم كل واحدة خادما بألف”[xxxiii]
عبادته:
إن العبادة هي من الأسباب الرئيسية التي تساعد الإنسان على تحقيق الهدف الأسمى للحياة وهو إبتغاء رضا الله تعالى والوصول إليه والإمام الزهري كما كان متحلى بحلية العلم والفقه والحكمة أعطي حظا وافرا ونصيبا عظيما من العبادة حتى أصبح من الأولياء كما قال صاحب “حلية الأولياء” في ترجمة الإمام الزهري: ” ومنهم العالم السوي، والراوي الروي، أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، كان ذا عز وسناء، وفخر وسخاء. وقيل: إن التصوف دراية وصدق، وسخاوة وخلق”[xxxiv] فكان الإمام الزهري شديد التعلق بالله تبارك وتعالى وكان يلجأ إلى الله تعالى في جميع الأحوال لأن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وهي كائنة لا محالة ولا مفر منها لأي بشر وقد أشار إلى هذه الحقيقة الإمام كما روى الذهبي في السير عن ابن شهاب قال: ” الإيمان بالقدر نظام التوحيد، فمن وحد ولم يؤمن بالقدر، كان ذلك ناقضا توحيده”[xxxv] وكذلك كان الإمام يقبل وكان يدعوا الناس إلى قبول كل ما جاء في كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء قبله العقل أم لم يقبل وقد يشهد به ما روي عن أبي عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي رحمه الله قال: ” سمعت الزهري لما حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) قلت له: فما هو؟ قال: من الله القول، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله كما جاء بلا كيف»[xxxvi]
وفيما يتعلق بعبادة الإمام فقد شهد له علماء عصره ووصفوه بالعبادة كما روى عن المنكدر بن محمد قال: ” رأيت بين عيني الزهري أثر السجود”[xxxvii] وروي عن القاسم بن هزان، سمع الزهري يقول: “لا يرضي الناس قول عالم لا يعمل، ولا عمل عامل لا يعلم” وكذلك روى الليث عن معاوية بن صالح، أن أبا جبلة حدثه، قال: “كنت مع ابن شهاب في سفر، فصام يوم عاشوراء، فقيل له: لم تصوم وأنت تفطر في رمضان في السفر؟! قال: إن رمضان له عدة من أيام أخر، وإن عاشوراء يفوت”
الزهد الحقيقي عند الزهري:
ومما هو معلوم بأن الرغبة في الدنيا وشهواتها تؤدي إلى الفتور وقلة الرغبة في العبادة ولذا فإن الزهد في الدنيا واجب على كل ما يرغب في عبادة الله ولكنه ليس الزهد الحقيقي هو ترك الدنيا وعدم الكسب وعدم طلب الرزق وخشونة الملبس والمطعم بل هو عدم إيثار الدنيا على الآخرة والنظر إلى الدنيا بعين الزوال وخلو القلب من التعلق بما لا ينفع في الآخرة والقناعة بما آتاه الله ولا يأسى على ما فاته من الدنيا والإعراض عن كل ما يشغله عن الرب تبارك وتعالى. وقد عرف الزهري الزهد الحقيقي بأسلوبه الخاص فقال: “ليس الزهد بتقشف الشعر ونتن الريح وخشونة الملبس والمطعم ولكن الزهد: ظلف النفس عن مخبوب الشهوات”[xxxviii].
أقواله الذهبية:
كما هو معلوم بأن أقوال السلف الصالحين لها أهمية وفائدة كبيرة في حياة الفرد حيث يتعلم منها الطرق السليمة التي كان يتبعها السلف في حياتهم ثم بإتباعهم يكسب الحسنات والفوز في الدنيا والآخرة. وفيما يلي بعض أقوال الإمام الزهري الذهبية:
” فضل العالم على المجتهد مائة درجة ما بين كل درجة خمسمائة سنة خطو الفرس الجواد المضمر”
” إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب”
” سئل الزهري عن الزهد. فقال: من لم يمنعه الحلال شكره، ولم يغلب الحرام صبره”
“قالوا للزهري: لو أنك الآن في آخر عمرك أقمت في المدينة فغدوت إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحت، وجلست إلى عمود من أعمدته فذكرت الناس وعلمتهم. فقال: لو أني فعلت ذلك لوطئ عقبي، ولا ينبغي ذلك حتى أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة”
“العلم خزائن وتفتحها المسائل”
” كان يصطاد العلم بالمساءلة كما يصطاد الوحش”
” إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة”
” إن هذا العلم إن أخذته بالمكائرة غلبك ولم تظفر منه بشيء، ولكن خذه مع الأيام والليالي أخذا رفيقا تظفر به”
“إن الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض قبضا سريعا، فنشر العلم ثبات الدين والدنيا، وفي ذهاب العلم ذهاب ذلك كله”
” استكثروا من شيء لا تمسه النار، قيل: وما هو؟ قال: المعروف”[xxxix]
أقوال العلماء عنه:
إن الإمام الزهري هو من الأئمة الكبار التي شهد بفضلهم العلماء والجهابدة والنقاد في علوم الحديث من أقاليم الإسلام كلها و المعاصرون له وطلاب العلم والشيوخ والملوك مثل عمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار المكي ومكحول الشامي وعراك بن مالك الغفاري المدني والليث بن سعد وقتادة بن دعامة البصري والإمام أحمد بن حنبل وإمام الجرح والتعديل يحيى بن معين وإمام المدينة مالك بن أنس الذي قال إذا دخل الزهري المدينة لم يحدث بها أحد من العلماء حتى يخرج (رحمهم الله) والقائمة طويلة وفيما يلي بعض أقوال العلماء عنه:
أبو صالح: عن الليث بن سعد، قال: ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب، يحدث في الترغيب، فتقول: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن العرب والأنساب، قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن القرآن والسنة، كان حديثه.[xl]
روى محمد بن الحسن بن زبالة، عن الدراوردي، قال: أول من دون العلم وكتبه: ابن شهاب.
روى خالد بن نزار الأيلي، عن سفيان، قال: كان الزهري أعلم أهل المدينة.
روى عبد الوهاب الثقفي: عن يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما ساق الحديث أحد مثل الزهري.
ابن عيينة: عن عمرو بن دينار، قال: ما رأيت أحدا أنص للحديث من الزهري، وما رأيت أحدا أهون عنده الدراهم منه، كانت عنده بمنزلة البعر.[xli]
قال عمر بن عبد العزيز: عليكم بابن شهاب هذا، فإنكم لا تلقون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه.
عن وهيب: سمعت أيوب يقول: ما رأيت أحدا أعلم من الزهري! فقال له صخر بن جويرية: ولا الحسن البصري؟ فقال: ما رأيت أحدا أعلم من الزهري.
روى بقية عن شعيب بن أبي حمزة: قيل لمكحول: من أعلم من لقيت؟ قال: ابن شهاب. قيل: ثم من؟ قال: ابن شهاب. قيل: ثم من؟ قال: ابن شهاب.
قال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول: بقي ابن شهاب، وما له في الناس نظير.
روي عن الليث: عن جعفر بن ربيعة: قلت لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضايا أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأفقههم فقها، وأعلمهم بما مضى من أمر الناس،: فسعيد بن المسيب، وأما أغزرهم حديثا: فعروة، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته، وأعلمهم عندي جميعا: ابن شهاب، فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه
قال ابن المديني: دار علم الثقات على ستة، فكان بالحجاز: الزهري، وعمرو بن دينار، وبالبصرة: قتادة، ويحيى بن أبي كثير، وبالكوفة: أبو إسحاق، والأعمش”[xlii]
وفاته رحمه الله:
مات الإمام الزهري رحمه الله سنة 124 هـ وكان سنه 72 سنة ولو كانت هناك روايات عديدة تشير إلى أقوال متناقضة في سن الإمام وأما مكان الوفاة فقد وردت فيه أربعة أقوال: توفي في “أدامى” (موضع بالحجاز) كما نقل عن محمد بن سعد قال: أخبرني الحسين بن المتوكل العسقلاني، قال: رأيت قبر الزهري بأدما، وهي خلف شغب وبدا، وهي أول عمل فلسطين، وآخر عمل الحجاز، وبها ضيعة للزهري، رأيت قبره مسنما مجصصا” أو في “شغب” (موضع بين المدينة المنورة وأيلة) أو “بدا” (وادي قرب أيلة من ساحل البحر) أو “ثلبة” (وهي محرفة من أيلة كما صرح به صاحب الكتاب ” الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام”. إن الإمام الزهري رحمه الله كان معروفا بالجود والكرم ولو ما كان يملك إلا قليلا فإنه كان يعطي لنشر العقيدة العقيدة الصحيحة إعتمادا على كرم الله وعطائه
رحم الله الإمام الهمام ابن شهاب الزهري رحمة واسعة، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنّة وجميع موتى المسلمين. آمين
الهوامش
[i] الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. (1394). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط1،(3/363) مصر: مطبعة السعادة
[ii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/341) مؤسسة الرسالة
[iii] إبن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد. (1971).وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ط1،(4/178) بيروت: دار صادر
[iv] الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. (1394). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط1،(3/360) مصر: مطبعة السعادة
[v] الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. (1394). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط1،(3/362) مصر: مطبعة السعادة
[vi] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/333) مؤسسة الرسالة
[vii] الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. (1394). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط1،(3/363) مصر: مطبعة السعادة
[viii] إبن كثير، أبو الفداء اسماعيل بن عمر الدمشقي. (1431). البداية والنهاية،(9/342) مصر: مطبعة السعادة
[ix] شراب، محمد حسن. (1413هـ). الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام، ط1،(ص 112) بيروت: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
[x] شراب، محمد حسن. (1413هـ). الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام، ط1،(ص 123) بيروت: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
[xi] الربعي، أبو سليمان. (1410). تاريخ مولد العلماء ووفياتهم، ط1،(1/290) الرياض: دار العاصمة
[xii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/340) مؤسسة الرسالة
[xiii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/339) مؤسسة الرسالة
[xiv] شراب، محمد حسن. (1413هـ).الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام، ط1،(ص 310) بيروت: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
[xv] إبن عبد ربه، أبو عمر شهاب الدين أحمد بن محمد. (1404). العقد الفريد، ط1،(1/57) بيروت – دار الكتب العلمية
[xvi] شراب، محمد حسن. (1413هـ).الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام، ط1،(ص 164) بيروت: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
[xvii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/333) مؤسسة الرسالة
[xviii] شراب، محمد حسن.(1413هـ).الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام، ط1،(ص 222) بيروت: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
[xix] إبن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبر البر. (1414). جامع بيان العلم وفضله، ط1،(1/331) السعودية: دار ابن الجوزي
[xx] الدارمي، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن. (1414). مسند الدارمي، ط1،(1/431) السعودية: دار ابن الجوزي
[xxi] العسقلاني، أحمد بن علي ابن حجر. (1380). فتح الباري بشرح البخاري، ط1،(1/208) مصر: المكتبة السلفية
[xxii] البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. (1414). صحيح البخاري، ط5، (رقم الحديث: 111) دمشق: دار ابن كثير، دار اليمامية
[xxiii] البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. (1414). صحيح البخاري، ط5، (رقم الحديث: 112) دمشق: دار ابن كثير، دار اليمامية
البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. (1414). صحيح البخاري، ط5، (رقم الحديث: 113) دمشق: دار ابن كثير، دار اليمامية [xxiv]
[xxv] شراب، محمد حسن. (1413هـ).الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام، ط1،(ص 341) بيروت: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
[xxvi] شراب، محمد حسن.(1413هـ).الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام، ط1،(ص 331) بيروت: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
[xxvii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/328) مؤسسة الرسالة
[xxviii] شراب، محمد حسن.(1413هـ).الإمام الزهري محمد بن مسلم، عالم الحجاز والشام، ط1،(ص 334) بيروت: دارالقلم للطباعة والنشر والتوزيع
[xxix] الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. (1394). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط1،(3/365) مصر: مطبعة السعادة
[xxx] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/347) مؤسسة الرسالة
[xxxi] ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن. (1415). تاريخ دمشق، ط–،(55/333) دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
[xxxii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/344) مؤسسة الرسالة
[xxxiii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/340) مؤسسة الرسالة
[xxxiv] الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. (1394). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط1،(3/360) مصر: مطبعة السعادة
[xxxv] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/343) مؤسسة الرسالة
[xxxvi] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/346) مؤسسة الرسالة
[xxxvii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/341/) مؤسسة الرسالة
[xxxviii] الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. (1394). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط1،(3/360) مصر: مطبعة السعادة
[xxxix] الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. (1394). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط1،(3/360-371) مصر: مطبعة السعادة
[xl] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/328) مؤسسة الرسالة
[xli] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/334) مؤسسة الرسالة
[xlii] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد عثمان. (1405). سير أعلام النبلاء، ط3،(5/345) مؤسسة الرسالة
Join our list
Subscribe to our mailing list and get interesting stuff and updates to your email inbox.